قالت :
(لاأحد)
سأعبئ اسمك شهوةً . جسدي
يلمكـ من جهاتك كلها . جسدي
يضمك من جهاتي كلها .
لتكون شيئاً ما
ونمضي باحثين عن الحياة
(درويش/ لا أعرف اسمكـ/ لاتعتذر عما فعلت)
نجلس ثلاثتنا أنا ولوحة لعجوزٍ بائس أهدنيه صديق عزيز يوم أن خرج من سجن جلس فيه سنوات وبضع أشهر حتي كاد ينسي فيها صاحبنا طعم الشارع ولون الأشياء ، ثم (هي) بكامل سمرتها الميمونة ووجها المستدير كما البدر في إكتماله ، أخرجت دفتراً قديماً قرأت منه بعض كلماتٍ لنيرودا العظيم ، ذاك الشيلي الذي مات ووجهه قبالة النهر .. أعود إليه كلما إفتقدت شيئاً عزيزاً وبالتالي أصبح أنيس وحدتي لحالات الفقد التي أضحت سمة عصرنا المستدير ،
كعاصفة شتوية جاءتني ذكريات البلاد ..... هذا مساء أليم بعض بعضه من أحزان الناس وكل كله من أحزان العمر ، حتي حبيبتك التي كنت تراهن عليها في أمسيات الرفاق الأنيقة هاهي تعود من سهرتها المسائية وهي تتأبط ساعد زوجها وكأنها لم تعدكـ يوماً بأن تكون لقادم الأيام أو ما كنتما تسميه مجازاً بالغد الآتي .
الغد الذي لا يكون سوي في الأغنيات اليتيمة ، الغد الذي لطالما راهنت عليه ها هو ذا ينصرف عنكـ راضياً مرضياً لتؤسس فيما تبقي من العمر وتحكي عن عيناها التي تحرسها الغمام . تأتيك صور كثيرة الآن وأنت في إسترخائك العظيم تتذكر خطواتها ،إبتسامتها الساحرة ،سبيبات شعرها ،
صوتها العذب ، تسريحة شعرها ، تتذكر فيما تتذكر عيناها ، شفتاها المتحفزة المليئة بالأحلام ،
يوماً ما من أيام سنة كبيسة فاتحتها في الأمر ، حدثتها عن كون النيل لا يأتي من الهضبة الأثيوبية بل هي نتاج لإحتفال الأرض بخطاها ، حدثتها إن (الدميرة) ليست لها أدني صلةٍ تذكر بقوانين المد والجزر بل هو فعل تابع لحركة صدرها العامر بالحكايات ، حدثتها وكلي ثقة بأن الجاذبية لا علاقة لها بالفيزياء وأن قصة التفاحة ما هي إلا مزحة يحاول مدرسو الحكومة أن يحشو بها رؤوسنا .... لأن الجاذبية ببساطة ذاك الخيط الفاصل بين خصرها وما تبقي من علياء جسدها الأسطوري . لو كنتني أملك من أمر الدنيا مثقال ذراع لما ترددت ساعة في تنصيبكـ (مليكةًً لهذا الكون) فغمغمت البنت يومها ثم هطلت مثل أي غمامة تغمغم ثم تهطل . رمتني ساعتها بإ بتسامة فأحسست حينها إني انتصرت للعشاق من لدن قيس حتي آخر عابري نهر الحياة .
ونمضي باحثين عن الحياة : إستوقفتني العبارة أعلاه فعدت أكلم نفسي كما الممسوس ...... وأين تنتهي رحلة البحث ؟
مجنون هو (درويش) لكنه للأمانة مريح وسط هكذا أجواء ،، أجواء لا علاقة لها بالحياة .... عمل عمل عمل وبينهما أمور لا مجال لكتابتها لكنها أشياء مؤسفة ولو كنتني أملك من أمرها شيئاً لكتبتها دون الحوجة للإشارة إليها .
بلاد ككرة (شراب) هكذا قالها المعلم (......) وهو للأمانة والتاريخ لا علاقة له لا بالتعليم ولا بثوراته التي جعلت (عاليها سافلها) لكنه كان معلمي في الحياة ،،، قادني سنوات وسنوات للتعرف عليها عن قرب .... سرت معه في دروبها الوعرة واللزجة ،،، ليلاً نظل هائمين في شوارع البلاد نمضي بثبات عجيب رغماً عن خطانا المترنحة بفعل الخمور البلدية الرديئة الصنع لكنها توازن علي أي حال واقع هذا الكون المائل (أي خطانا) .
نسد فجوات الحزن فجوة فجوة ونفرح حينها ولكأننا إنتصرنا ونلنا نصيبنا من ورود الحياة .
يبكيني الحال المائل والأنثي التي تذهب دونما وداع تبكيني البنت التي ذهبت لسبيل زوجها بإطمئنان .... الآن لم تعد سوي صورة صغيرة إحتفظ بها في أقصي أقاصي القلب أخرجها ساعة وددت العودة للنيل ... للدميرة ... لقوانين الفيزياء .... لكل ما يربطني بالأرض أخرجها فأتحسس جبهتها ثم أقبلها بما ملكت من دموع ثم أدعها تنصرف .
الآن ،، سأفعل كما يفعل الناس إثر كل معركة يخوضوها من معارك الجسد ... أذنت لك بالإنصراف فـ إإذني لي بالخروج .... قصدت نهر الحياة .... قصدت ضفافه الخالدة ..... إرتميت في النهر كمن يطلب الغفران وانا عارٍ إلا من إبتسامتها التي ما عادت تخصني بها كسابقئذٍ إرتميت وكأنها في إنتظاري في أعماق هذا النهر الذي يشبه لحدٍ بعيد روحها الخالد ...... ثم غصت عميقاً وفي البال أجمل إبتسامة ما عادت تخصني بها ولا ادري لماذا