ظاهرة غريبة استشرت في مجتمعنا منذ فترة ليست بالقصيرة.. لكنها أصبحت ظاهرة لافتة للنظر. وآثارها أصبحت خظيرة للغاية.
وقد استشرت هذه الظاهرة وانتقلت من السوق وحتى بعض الدواوين الحكومية في السوق.. قد تكون هذه الظاهرة مقبولة لحد ما.. إلا أن تداعياتها خطيرة.. إذ يطلب الوسيط أو السمسار (حقه) كما يسميه في أية صفقة.. وهذا الحق المادي يضاف الى سعر السلعة المعنية ليتضاعف سعرها للجمهور وهذا هو موطن الخطورة.
لكن انتقالها الى الدوائر الحكومية والشركات والبنوك فهو أمر خطير للغاية.. ويهدد المجتمع كله بهذا (الفايروس) الخطير الذي يدر مالاً وفيراً دون جهود تستحق هذا الحق.
إن كان لك فاتورة تستحق السداد من أي من المواقع التي ذكرتها وذهبت الى موظف في هذه الدائرة في استطاعته تحريك الأمر. فأول سؤال يقول لك (حقي كم).. وعندما تستلم يسأل (حقي وين)..وإذا أخذت مرابحة.. يسألك أحدهم (حقنا وين) وإذا اشتريت أو استأجرت منزلاً فتجد الكلمة الأولى حقي وين.. وحتى إن جاءتك (عطية مزين) من أية جهة فإن من يكلف بتنفيذها يقول لك (حقي وين).
وأصبحت حقي وين أمراً متداولاً.. وشديد الخطورة اقتصادياً واجتماعاً على هذا الوطن الذي بدأ الأعداء يأكلونه من أطرافه.. وأصبح عدد من أبنائه يأكلونه من داخله.. من أمعائه. ووصل الأمر بالبعض. .أنه عندما يصلك مال من صديق مغترب أو من أية جهة أخرى ويكون الصدفة جعلته موصلاً.. وعندما يسلمك المبلغ.. إما أن يخصم (حقه) مقدماً.. وأحياناً لا يخبرك بأنه أخذ حقه مقدماً ويقنعك بأن المبلغ الذي سلمه له هو المبلغ الأصلي.. وبعضهم عندما يسلمك يسألك عن (حقه) دون خجل أو رياء.. ولا أدري ما الذي أصاب أخلاقنا في مقتل.. هل هو الضيق الاقتصادي أم الرغبة في الحصول على مال وفير دون بذل أي مجهود ودون وجه حق.. تحت اسم (حقي) .
هي بالطبع ليست شطارة أن تحصل على مال دون جهد.. وأن تطلب حقاً ليس حقك.. لكن البعض الذي يسعى وراء (حقه) رأى كثيراً من الذين حوله.. نالوا حظهم من الثراء اقتنوا السيارات الفارهة والمنازل الفاخرة وتزوجوا النساء الجميلات ويقضون إجازاتهم ليس في القاهرة فقط وإنما في عواصم أخرى أكثر غلاءً.. وأكثر بعداً لزوم الوجاهة.
هذه الظاهرة في تقديري إحدى إفرازات السياسات الاقتصادية الخاطئة.. التي أثرت الأغنياء.. وأفقرت الفقراء ويمكن القضاء عليها في الدوائر الرسمية والشركات والبنوك وغيرها.. بسن قوانين صارمة وإغلاق كل المنافذ. بالنسبة للسوق والعقارات وحتى السيارات فهي التي تزيد أسعار السلع والعقارات والسيارات، ويمكن القضاء عليها بسن القوانين التي يمكن أن تحد من انتشارها ويجب أن نتعاون معاً. أي كل المجتمع في محاربة هذه الظاهرة الخطيرة.
وعلى غرار ما سردته اعلاه تحكى طرفة ظريفة وهي حقيقية سردها الضابط المسؤل عن الحادثة بنفسه:
قال : في جوازات المكتب الخاص بالخرطوم بعد عناء وتعب ورهق اغلقنا شباك المعاملات للفطور واخذ قسط من الراحة ، فقال : فجأة سمعنا ضرب شديد على الشباك فانفعلت وقلت له: (بصوت عالي) نحن بناكل .. وكان رد الشخص: انتو قلتو لينا بناكل وابينا نديكم..!!!!!