العزيز عبدالغني نفرح حينما نجد موضوعا يخصك ونحمد الله انك مننا .... باسمك لبسنا تيجان الفخر و سنظل بك نفخر
ونصرخ بملْ افواهنا عبدالغني عسيلاتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتي ياناس
موضوع منقول من سودانيز اون لاين
يقال إذا أذنبت، فتطهَّر بالقراءة، أو بالكتابة، فالحروف الصامتة، الميتة تصرخ في ذاتك، بصوتٍ يزِنُ وعيك بك، ورحم الله ديكارت، فقد قال عنه بودلير، بأنه جعل العميان يبصرون، حين قال: (إنسَ ما شببت به من مفاهيم وآراء، ثم ألقِ نظرةً على الوجود، تلك هي نظرتك الشخصية)، فلا تناصّ، ولا تقليد، وتلك هي الأرض البكر، التي سار فيها الأفراد عبر تاريخ الإنسانية المجيد، وهم قلَّة، أكاد أحسبهم على أصابع يدي اليمنى فقط، يا ترى هل هم، سقراط، والمسيح، وموسى ومحمد ومحمود؟.
وأحياناً، أشعر بعقم القراءة، فعلام نقرأ، والكتاب الأعظم بداخلنا، ألم يستفز الحكيم سقراط حكماء أثينا، حين استخرج بأسئلته التهكمية الذكية، من صبيٍّ زنجيٍّ صغير، معارف هندسية مقعدة، أدهشت مهندسي اليونان، موقناً بأن العلم المطلق كامنٌ في القلوب؟، ولكن هل من مثير أو سؤال، أو جدوى أو منهج يحرك أعماق الأعماق ليستخرج هذه الكنوز الدفينة، (إقرأ كتابك، كفى بك اليوم حسيباً)، ألم يقل علماء النفس بأن التداعي الحر للأفكار لا ينقطع، حتى نلج رحم الأولى، بل نلج ما كان وما سيكون، (قُلْ سيروا في الأرض، فانظروا كيف بدأ الخلق)، إنها أمر كالصوم والصلاة، فسُنَّة النبي، وسنة بوذا وسقراط هي الفكر، الفكر الحر، من كل قيد أو شرط، حتى قيود الطبع والشهوات والنفس السفلى والعليا، فالقانون الطبيعي، والذي يهيمن على الحيوات والجماد، والذي سيَّر الكون منذ دهر دهير، هو العقل الكلي، العقل الخالي من الرغبة والهوى، فالمطر ينزل على الغبي والذكي، والحياة تسير في النور والظلمات، نحو هدف معين، نحو المسك، وما العقل البشري، إلا ظل، أو قبس من هذا العقل الكلي الجميل الحكيم.
[تمنَّيْتُ على الزمان مُحَالاً أن ترى مقلتاهُ طَلْعَةَ حُرّ]،
لا تتوكَّأ على الحَوَاسّ...
فإنَّها أَشَدّ عماءً من جوفِ حُوتِ يونس
ولا على العقل..
فإنه أشَدّ تهوُّراً من هاملت
ولا على حَوَاشي القلب
فإنها كالأُمّ، تَغْمُرُكَ بحنانٍ عظيمٍ، تفسدُهُ أشواكُ الواقع.
ولكن في ذات القلب، في ذاتك، ما أنت طالبٌ، بلسان حالك ومقالك.
تاريخ الفطرة، أم تاريخ العقل، كارل بوبر أم الجيلاني.. أقرب إلى فطرتي ؟، أم كلاهما؟؟.
______________________
هُوِيَّتِي هذه الرُّوحُ التي تَسْكُنُني 2 / عبدالغني كرم الله – SUDANESE INK
والآن..
يا عبدالغني كرم الله - وإسمك دلالة، ولك منه نصيب بائن لا تخطئه (روح مبدعة) -. فلأبدأ بما انتهيت.فلأبدأ من حيث شعرت - أنا – أنه مأزق واحد لكلينا، هذه الأيام !
ففي ساعة شهوات الليل التي تجوس في الدم، وتستنفر الأعصاب كلها، وأنت/أنا، لاهث بين الضفة والضفة، (أبحلق) في الحروف، أجمعها على أطراف أقدامها، وأتوحد معها، في تلك الساعة، أروح أفكر، أما كان خير لي أن أكون - في هذه اللحظة بالذات - مزارع في (القولد)، تلهب حواسه كلها (الدلوكة)، ويعمر عالمه الصغير، ثغاء الأغنام، ورائحة الطين، وروث الأبقار، ونواح الريح حين تعبر.ذلك العالم الصغير المؤلف في أقصى حدوده، من (إذاعة لندن)، ليلا، وطيوف العذارى اللواتي تهجس بجمالهن قلوب الشبان، فيجوّدوا (العرضة) ليشغفن بهم !
هذا عالم وذاك عالم !
أيهما أنا ؟ ولأيهما أتوق ؟
أليس في الكتابة شيء من الحنين ؟
لويس أراغون له رأي يأسرني، أن (الرواية) ليست حكاية، ليست تسلية، ليست سردا! وإن لم تكن تنطوي على أسئلة وجودية كبيرة، فهي، ربما لا تساوي شيئا !!
وهذا عالم..!
عالم، دخلت إليه بقدميّ الحافيتين، فدغدغ باطنهما العشب الطري.ملمسه - لا تنكر - في باطن القدم، يجعلك كالسائر في الجنة.ولن تنتبه لأشواك (الضريسة) باديء الأمر.
باديء الأمر ؟!
(يــــاه) ..حتى تبلغ تلك المرحلة التي تحسّ فيها بـ(البرسيم على الأرفف في معارض الكتب) !!
طبعا، بما في ذلك برسيمـ(نا) !!
البداية عشب !
والطريق (ضريسة)
والآن...متاهة.
لم يكن بالمقدور، آنذاك، والمرء منكب على كلّ ما يقع تحت يده، أن يدرك أنه يفتح كوة، لن يعرف ما إذا كانت تؤدي إلى جهنم أم الجنة !!
ليال طويلة.ليال تتعرق خلالها ويقتلك الأرق.فالآفة الأبدية التي أقضت مضاجع الذين نثروا (السنن) كالمصابيح الكونية، تقضك الآن.
وتحاول أن ترى باطن قدميك بعد كل هذه السنين لتكتشف أنهما احترقتا تماما.
لا، لم تكن (ضريسة) !!
كانت نارا !!
وأنت كالرهبان البوذيين رحت تعبر فوق حقول النار، وتتلذذ وتتألم !!
وتقرفص في نهاية المطاف، على جدول رقراق، لتسأل:
تاريخ الفطرة، أم تاريخ العقل، كارل بوبر أم الجيلاني.. أقرب إلى فطرتي ؟، أم كلاهما؟؟.
لكن، من قال لك إن صديقنا محمد الربيع محمد صالح ليست له الأسئلة ذاتها.
أنا أقول لك:
تاريخ الفطرة، أم تاريخ العقل؟
سبينوزا وهيغل وبيرتراند راسل..
أم الحلاج ؟؟
هل تصدقني القول/الإجابة ؟
هل أصدق نفسي؟
مصلوب على جنته، مقطوع الأطراف، يمسح يديه (المقطوعتين) احداهما بدم الأخرى، ويضحك فرحا.وذاك - أظنه الشبلي - يسأل، فيقول له:
ركعتان في العشق لا يصح وضوؤهما إلا بالدم !!
وضوء العشق !!
أية فتنة هذه ؟
فتنة في اللغة، وفي (الحب) !!
فتنة في ..(ماذا) ؟
ونحن، ماذا نريد من كلّ ذلك ؟
أما كان أفضل أن نؤوب إلى بلداتنا التي تنام عند التاسعة، بعد أن تتجشأ من (الكسرة بي اللبن)، يهفهف شعرها النسيم الليلي.
أكيد جربت ذلك.
أن تترك الفراش في (الحوش)، أول المساء، ليبرد، والريح الخفيفة تحرك أطراف الملاءة، لتأتي وتنام خفيفا ومنتشيا، وتصحو في الصباح الباكر، نشيطا، فـ(تشد السرج) على ظهر الحمار، وتقصد النهر الجميل.
هناك حقول القمح والفول المصري، كون آخر.
وغابات النخل، كون آخر.
وفتنة (الدلوكة)
وفتنة (الدلكة)
وفتنة (الخمرة) التي تضوع أجساد النساء
وفتنة السمر الليلي البسيط
وفتنة الأصدقاء البسطاء الذين لا يعرفون، لا بوبر، ولا ديكارت، ولا دريدا، ولا هيدغر، ولا (بطيخ) !!
أقصى هذه الأشياء كلها، أقصاها، صوت (صديق أحمد) ينساب في لياليهم، ملونا بالطنبور:
عديلة عليك محل ما تمشي تمشي يا عديلة
مشاويرك عديلة
عديلة عليك.
وها قد مشينا
فهل كانت مشاويرنا – يا صديقي – عديلة ؟
كن بخير أيها (المجنون).