عبدو (الشاراط) - الفاتح جبرة

قصة (عبدالمنعم) أو( عبدو) جارنا كما ينادونه قصة حقيقية تداولها (الناس) حتى تم إختزالها إلى ما يشبه (النكته) .. كان (عبدو) يعمل موظفاً بمصلحة المخازن والمهمات سابقاً وبالمناسبة ولأبنائنا من الجيل الحالي فإن المخازن والمهمات هذه هي الشقيقة التوأم للنقل الميكانيكي وأبنه خاله ( وزاره الأشغال) وقريبة كل من ( السكة حديد) و(مصلحة المرطبات) عليهم جميعا رحمة الله.
( عبدو) معروف بعبدو (الشـــاراط) ولهذه قصة فهو منذ صغره مريض بشيء اسمه (الشراط ) أى الرهان فما أن يجد أحد الأطفال حتى يبادره : تشارط (النبلة) بتاعتي بتطير الحجر ابعد من بتاعتك ؟؟ كما يمكن أن يشارط أى شخص بإنو (دكان اليمانى داك ما فيهو طحنية) .
و( عبدو) حريف جداً في مسألة ( الشراط) هذه فهو وقبل أن ( يورط) نفسه يقوم بعمل دراسة سريعة للشيء الذي يود أن (يشارط) عليه فهو يعلم تمام العلم بأن دكان اليمانى ما فيهو طحنية لأنه قد سأل عنها قبل دقائق .. قيل أنه كان عائدا من ( المدرسة ) فوجد أن هنالك حركة غير عادية في منزل جارهم ( حاج طه) الذي كان قد أجريت له عملية ( مرارة) مؤخرا.. فعرف عبدو أن ( الرجل) قد إنتقل إلى الرفيق الأعلى وأصبح (أسماء في حياتنا) فأراد أن ينتهز الفرصة ويكسب…

- يمه تشارطي (عم طه) راجل ( عزيزة) دا بموت الليلة ؟
- أنت جنيت يا ولد أنا أمس مشيت ليهو في الزيارة لقيتو شديد وذي الحصان
- بس أنتي تشارطي ؟ لو أنا كسبت تشتري ليا ( العجلة) ؟؟ وافقت والدة عبدو على الشراط فهي متأكدة من أن (عم طه) عال العال كما تركته بالأمس.. ولكن وبعد وقت قصير ارتفعت أصوات البكاء والعويل والنواح.. خرجت والدة ( عبدو) لاستطلاع الأمر فقبل ليها أن عم طه توفى..
- الله يجازيك يا عبدو.. الود تقول عندو شواطين
واستمرت ( المرضه) مع عبدو.. فهو لا يفتر من أن يشارط ويراهن على كل شيء وأي شيء حتى أصبح معروفاً بعبدو ( الشارط) وقد قيل أن هذا اللقب أطلقه عليه رواد دار الرياضة بأم درمان حيث أن عبدو ( مرضان كورة) ويدخل كورة العصر يوميا وما أن يدخل ( الدار) حتى يصيح في رواد الدار:
- منو يشارط ( الإخلاص) ح يجيب القون الأول - منو يشارط النتيجة 2/1 - منو يشارط أول ( كورنر) للهاشماب - منو يشارط ,,,,,,,,,,,,,,,, توظف عبدو ولم يترك عادته.. بينما كان يجلس مع الموظفين رأي عبر النافذة ( حنان) سكرتيرة المدير وهي تحاسب ( سيد الركشة) وحيث أن ( حنان) هذه كثيرة التغيب .. تجي يوم وتغيب شهر فقد استغل ( عبدو) الموقف كعادته :
- منو يشارط أول زول ح يجي داخل من الموظفين ( حنان)
- كلهم بصوت وأحد ( نشارطك)
- خلاص كان جات أول زول تفطروني ( سمك) وكان ما جات أفطركم أنا ( سمك)
وما لبثت حنان أن فتحت باب المكتب وهي تحيي زملائها الذين أصابتهم الدهشة .. بينما كان ( عبدو) يصيح في إنتشاء …الليلة السمك.. السمك.. السمك.
لأن عبدو كان يضيع معظم وقت العمل مع زملائه في (الشراط) فقد تضايق منه مديره كثيراً وقام بنقله إلى قسم أخر في المصلحة معروف عن رئيسة الصرامة والعين الحمراء…
بينما كان عبدو يجلس في مكتبة مع زملائه الموظفين في أول يوم عمل له بالقسم الجديد جاء من يخبره بأن المدير يطلبه :
- شوف يا عبدو الوقت هنا للعمل ما عاوز أي عمليات ( شراط) هنا تأني لو .. وهنا قاطعة ( عبدو)
- يا سعادتك أنا أي حاجة بشارط فيها بكون متأكد منها 100% يعني هسع أنت بشارطك عندك شامه فى ( نص) ضهرك والله اشارطك ميه جنيه ميه جنيه ( وكانت مبلغاً خرافياً)
لأن السيد المدير يعلم تماماً بأنه لا توجد لديه أي شامة أو علامة على ( ضهره) أو أي مكان آخر في جسده فقد وافق على (الشراط) حتى يقوم بتأديب ( عبدو ) ويخليهو ( يتوب) . قام المدير بنزع ( البدله) والكرافتة.. والقميص ثم الفانيله الداخلية.. وأعطى لعبدو ظهره قائلاً :
- أها (الشامة) وينا .. اها خت ليا أيدك فيها
في هذه الأثناء كان عبدو يفتح باب المكتب سامحاً للموظفين الذين كانوا خلف الباب مباشرة بالدخول وهو يقول :
- يلا طلعوا الميتين جنيه.. أهو خليتو ليكم ( ميطي)؟؟؟